تفسير حلم إرضاع طفل وخروج حليب من الثدي للمتزوجة لابن سيرين

أشار العالم العربي البارع، الجليل ابن سيرين، من خلال تفسيراته الراقية، إلى أن حُلم إرضاع طفل وانبثاق حليبٍ من الثدي يعتبر من أبزر الرؤى والأحلام التي تحمل في طياتها غنىً تأويليًا، ومن ضمن هذه التأويلات المتعددة، يتبارى التفسير الذي ينطوي على أبعد الدلالات، يفقد علّق ابن سيرين بأنّ تلك الرؤية تُنبئ، في حال كانت الرائية متزوجة، بقرب حلول فرحة الأمومة، حيث تكون هذه السيدة الرائعة على وشك الحمل السعيد، لتنعم بأفراحٍ غامرة تملؤها السرور والبهجة.

تتنبأ رؤية الرضاعة الطبيعية في عالم الأحلام للسيدة العريسة، بالهدوء البديع لتدفق الرزق، حيث يمتد بالسخاء والسُمنة كحليبٍ زائد، ينبثق من تلك الرؤية تكاتفٌ لطيف، يعبق بعطر التقدم والتفوق، حيث يصعد زوجها درجات الترقي بفضل ما يُبذر من جهدٍ وتفانٍ في ساحة العمل، وكانت المرأة المحظوظة إذا رأت في حُلمها أنها تمنح حياةً من صدرها لطفلٍ في غاية الطبيعة، فذلك يتشير بلغةٍ مُشفّرة إلى توازن حياتها الزوجية، وازدهارٍ يبث في نفوس أفراد أُسرتها السرور والتقرب.

من يُسُرّ بهِ حُلمٌ يرتوي من رحيق أُمه، يكتنز بين طياته تلميحات الإيجابيات ومجاري النعم، حيث يشير إلى وفرةٍ آتية ورخاءٍ يتدفّق إليه كمياه الجداول، وفي حال أن الرائي قد ارتبط به طابع الطالب، فإن هذا الحُلم يترجم تحقيق نجاحه وتفوقه في ساحة دراسته، كما يكشف له أفقًا واعدًا، وليس ذلك فقط، بل إنه لو كان صاحبًا لمشروعٍ يحمل بين جنباته تطلعاته التجارية، فإن هذا الحُلم البديع يُشير بيده الرقيقة إلى تدفّق الأرباح والنجاح الفاحِل الذي سيُحيي مشروعه، وتأتيه أموالٌ وفيرة تعزّز من مكتسباته.

عندما يحلم البصير بأنه يُرضِع فلذة كبده، تكتسب تلك الرؤية لمعانٍ مُرمَرة تشير بيدها إلى تلك المناصب الجليلة والمهام السامية التي ستكون محطّ انتباهه، وفي زخم الأحيان، تكون تلك الرؤية بابًا مفتوحًا على واقعه يُبدِي الصعاب والضغوط الّتي ستشكّل جزءًا من مسيرته الحياتية، لكن عندما يُخصِب الحُلم قلب الذي لم يحَمِل ثمار الأبوة من قبل، يكون ذلك إشارةً تُنبِئ بأن الرحمن سيكرمه قريبًا بمولودٍ جديد يحمل عطر البركة والفرح.

الثرُّ اللبني هو تفرُّع لاهوتي يباعد طريق الحليب الذي لا تستحضره الرضاعة الأمومية، إنّها إفرازاتٌ مخضَّبة بلون الحليب، تغني عن وظيفة الإنتاج الطبيعي للحليب، يسعى إلى ترجمة السرايا البيولوجية، ولا يلبث أن يفكّ الرباط عن العلاقة الزمنية بين إنتاج اللبن وحالات الرضاعة، وإنّه ليس خَصَمًا للصحة، غير أنه يفصح عن وجود غموض يندرج تحت ظلّه، وكما هو معتاد، يترك أثره لدى الإناث، حتى وإن لم تختبر تلك الإناث تجربة الأمومة، أو عقب توقّف سيولة الدورة، ولا يختصّ الثرُّ اللبني بالجنس النسائي فحسب، بل يجد طريقه أيضًا للرجال والرضَّع.

في ختام هذه الفقرات، يتجلى الإشراق الراقي في تناول موضوع “الرؤى والتفسير” بأسلوبٍ متفرِّد وبهاءٍ ثقافي، تأخذنا الكلمات في رحلةٍ مفعمة بالجمال، حيث تُسَلِّط الضوء على الدلالات المتعددة للأحلام وتعمق في تفسيرها بأسلوبٍ مميز يتجلى في تفاصيله.